عندماكنت طفلة صغيره في سن العاشرة من العمر تقريبا، بدأت ألاحظ ما حولي من الأشياء والناس والأحداث. ثم صار عندي حب الاستكشاف للطبيعة فأخذت أجمّع الأحجار والأصداف وكل ما تقع يدي عليه في رحلاتي مع عائلتي القريبة والبعيدة. وكنت أستغرق في تفحّص التفاصيل وأحاول رسمها إلا أني لم أكن أعرف كيف. ثم انتقلت بعد أعوام إلى تفحّص الكتب وكل ما تقع يدي عليه في مكتبة والديّ المتواضعه. وكنت ألخص ما تقع يدي عليه من العبارات الجميلة في مذكرة صغيره وأضع فيها خلاصة فكري بكلمات بسيطة.
الحضور يمثل بالنسبة لي متعة عظيمة وهو نعمة لا يعرفها الكثير من الناس. فكلٌّ يمضي في مهمّاته اليومية في سباق مع الزّمن ومصارعة داخلية مع القيم. أقصد القيم التي خلق من أجلها وتلك التي يعيش من أجلها. الكثير من الناس يعيش صراع بين ما هو مهم وبين ما هو ملحّ وعاجل والقليل منهم من يقف ليستمتع ويعيش ما هو مهم. في النهاية لا يمكن ان تعرف الانسان بما يقوم به وإنما بما هو عليه.
الحضور هو القدرة على استشعار اللحظة بما فيها من أحاسيس جسمية محيطة ثم أفكار تتولّد منها ومشاعر تحيط بها. قد يكون وصف جميل ويتسائل من لم يعش تلك الحالة عن واقعيتها؟
نعم أدرك هذا وقد كنت من أولئك. ولكني الآن اعيش كل لحظة على انها نعمة بما فيها من أحزان ومآسي طالت أم قصرت. فالاستحضار لكل ما تملك من أحاسيس ومشاعر يمنحك الرّضا والطمئنينة لأنك تتصل ليس فقط بنفسك ولكن بما حولك في العالم وغيرك من البشر والأهم بمصدر قوّتك وضعفك خالقك. أنت تتصل بروحك ومنبع وجودك في العالم.
كيف تفعل ذلك بان تبدأ في الملاحظة وزيادة وعيك بما يحيط بك وما يدور حولك وردود افعالك له. الحديث يطول ولكن في برنامج وجه افكارك ومشاعرك نفعل ذلك سويا وتمر معي بكل الخطوات التي توقظ فيك هذه الاحاسيس، فهل ترغب في التجربة؟