عندما لامس رأسك الأرض ، سمع الجميع صرخة وصولك إلى الحياة وكأنها إعلان بالانتصار على المحنة الأولى محنة الولادة. كنت في تلك اللحظة واثق من نفسك مصرحا برغباتك التي يسرع الجميع لتلبيتها بالرغم من رقتك وضعفك. من أنت في تلك اللحظة أنت (…….) روحا وجسدا. وجسدك هو الذي يحوي روحك ، وحتى اليوم يحمل آلامك وأحلامك، أفراحك وأحزانك ، يحمل كيانك وشخصيتك… وسيبقى معك في الرحلة الطويلة عبر الوديان والقفار أعني وديان الحياة وقفارها. جسدك هو رفيق دربك وحامل ثقلك النفسي والروحي ، وهو بمنزلة الصدام الواقي في السيارة بينك وبين العالم الخارجي، كما أنه مدرّس بارع لكثير من دروس الحياة. لو فتحت ذهنك وقلبك لما يهبه لك جسمك من فوائد وما يعلمك إياه من دروس فسيكون لديك حصيلة جيدة من الحكمة تقودك في مشوار حياتك
وعلى قدر ما تكون علاقتك بجسمك على قدر ما هي علاقتك بذاتك وروحك ومن ثم علاقتك بالناس من حولك. أعني أنك إذا أحببت شكلك الذي خلقك الله عليه فقبلتيه كما هو دون نقد أو تجريح لتفاصيله بل رأيت في كل زاوية منه نعمة وجمال وشكرت الخالق على ذلك، فإنك سترى أجمل ما في صفاتك المعنوية وتلاحظ إيجابياتك فتزيد ثقتك بنفسك وبالتالي سترى أفضل ما في غيرك وأحسنه وستغضّ الطرف عن عيوبهم وتنظر لها من زاوية ( كيف نصلحها ونرتقي بها) لا من زاوية ( ما أبغضها وأبعدها). إن نوع العلاقة القائمة بينك وبين جسدك تحدد نوع الحياة التي ستحياها. المهارة التي أريدك أن تكتسبها هي كيف تعقد مع جسمك اتفاقية سلام
مقياس ذلك هو اعتقادك بأنك لو كنت أطول ، أنحف، أسمن ، اقصر..سيكون شكلك أفضل . هذا الاعتقاد حتى ولو بدرجة صغيرة دليل على أنك بحاجة إلى التقبل. التقبل هو أن ترضي بما يعطى لك في الحياة وتقنع به. فلو كنت ممن تقضي جزءا كبيرا من الوقت والجهد في تحسين مظهرك والعناية بشكلك فإن جسمك يصبح كابوسا يلاحقك في كل مكان ويصرف اهتمامك عن ما يدور من حولك من قضايا أخرى تستحق الاهتمام. أنت تحدد
وبالنسبة لكثير من الفتيات يعتبر جسدها هو مصب غضبها فهي تعبر عن كرهها لبطنها أو أنفها أو شهرها بشدة وتشعر بأنها لا قيمة لها حيال هذه العيوب. وطبعا هي محقة من ناحية أن الجسد هو إثبات لوجودها في مكان ما ولكنها لم تنتبه إلى أن رؤيتها لهذا الجسد هي التي تحدد إن كان سيقبل عند الناس أم لا . وهي تحدد ذلك بمدى تقبلها هي أولا له. وطبعا اتهام الجسد بمختلف التهم يحد من انطلاق صاحبه وخوضه لتجارب معينة قد تثري حياته ، فقد تمتنع فلانة عن الظهور في مجتمع معين لأنها ليست رشيقة ، أو من الظهور على المسرح لأنها قصيرة ، أو من امتهان مهنة الطب لأنها تلبس نظارات مثلا …الخ
الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تحب شكلك بها هي أن تحكم على مظهرك حكما إيجابيا فتنظري إلى بطنك مثلا على أنها علامة أنوثة وجمال وأنها خلقت مدورة لتحمل طفلك فيما بعد وأنها تستحق منك أن تمرنيها لتكون قوية وقادرة على أداء مهمتها ( ولا يعني هذا ترك الرياضة والغذاء السليم للحصول على شكل أفضل). ستجد أن بعض أجزاء جسمك بدأ يتغير كما تريد وهذا نافع جدا في النحافة والريجيم. اسأل نفسك دائما قبل أن تفعلي شيئا لجسدك هل أنت محتاج لهذا؟ ( هل أنا محتاجة لهذا الكريم المنعم، لهذا الفستان الجديد، لهذا الطعام اللذيذ..؟) بذلك تعرف السبب الحقيقي الذي من أجله تقوم بما تقوم به. أخيرا بقي أن أشير إلى أن جسدك سيقدم لك تحديات صعبة مع مرور الأيام وتقدم السن وقد ينتهي بك الحال على كرسي بعجلات يوما ما لا قدر الله فهلا مرنت نفسك على تقبله من الآن.. ولا تنسي أنه مطية إلى الدار الآخرة فأحسن ركوبه والعناية بها
صراحه مقال جميل واضاف لي الكثير
اعجبني اكثر عبارة (هلا مرنت نفسك على تقبله ) اتفق نحن بحاجه الى تمرين انفسنا اكثر من تمرين اي عضله اخرى لكن سبحان الله تمرين النفس على اي عاده تاخد وقت والانسان بطبعه عجول ويحب الحلول السريعه .