المتعة نوعان حسية ومعنوية ، والحسية طريق للمعنوية .
فعندما تشاهد غروب الشمس على البحر وتسمع صوت الموج يتكسر على الصخور وتشم رائحة الماء المالح ، وتحس تحت قدميك رمالا ناعمة تجتاحك متعة معنوية تنقلك إلى عالم خيالي.
لو حدث أن جلست في وسط الصحراء وتنقل بصرك يمنة ويسرى فإذا بلون الرمال يحيط بك من كل جانب وقد نبت العشب هنا وهناك ، وإذا بك تحس دفء الرمال تحتك، ونعومتها بين يديك ، وتسمع صوت الريح وتشم غبارها المتميز فتغرق في متعة معنوية.
لو أعطيت نفسك فرصة تأمل الوردة وتلمس أوراقها المخملية وشم رائحتها العطرية الساحرة فأنت تحصل على المتعة . ما رأيك في تذوق قطعة شو كولا ، ألا يعطي ذلك متعة معنوية أيضا .
وهناك متع حسية لا تقود إلى المتع المعنوية ، فالمتعة الناتجة عن مخالفتك لقيمك ، تعذب صاحبها بعدها ضعف ما استمتع. واسأل الروح منبع المتعة المعنوية وستجيبك بإجابة ، إن لم تكن مسموعة ، فهي محسوسة في القلب ، وكأن القلب رسول الروح.
ماذا عن متعة العبادة ، والتي ينفر منها الجسد في البداية لأنه يتخيل أنها شاقة ، وبمجرد أن تقف هناك وتنهمك بصوت ندي فيها تسري في أوصال جسمك قشعريرة تتمني أن لا تزول ، وتغدو ملامسة الأرض بصفحة يديك وجبهتك تحليقا في عالم بعيد عن الأرض وكأن الأرض سماء وتصل هذه المتعة قمتها عندما تنهمر قطرات المطر فتسقي قلبك .
ما الذي يمنعك من المتعة ؟
هل تجد نفسك مشغولا تركض هنا وهناك ؟
وماذا عن المتعة؟ أليس لنفسك عليك حق؟
ستقول الوقت ضيق.
سأذكرك بأن كل شيء في الحياة سيتحول إلى متعة ، لو أديته بمتعة.
ستتحول المذاكرة والقراءة المنهجية الروتينية إلى متعة، ستتحول الصداقات إلى متعة، والنوم والأكل متعة، والحب الذي تبذله لمن حولك متعة، لأنك سمحت لنفسك بأن تستمتع بما حولك، لأنك سميت الله وحمدته وأنت تتأمل طعم الشوكولا اللذيذة، لأنك أعطيت نفسك جائزة الذوبان في أحضان الطبيعة للحظات كل أسبوع، لأنك سمحت لنفسك أن تقبل أمك أو تحتضن أخاك الصغير بقوة ولأطول فترة ممكنة، لأنك أعطيت نفسك جواز السفر إلى الله في وسط الليل أو أطراف النهار.