fbpx
man in black and white long sleeve shirt

مهارة العزة

لا يستطيع أحد أن يشعرك بقلة القيمة ما لم تسمح أنت بذلك

الينور روزفلت

العزة هي الشعور بالقيمة والقدرة على مجابهة التحديات ، وهي ضروريه كالهواء الذي نتنفسه . كما أنها معنوية غير مادية بمعنى انك لا تلمسها أو تراها أو تحسها ولكنك تشعر بها من أعماقك وتنعكس على تصرفاتك الصغيرة والكبيرة . إنها مقياس لقيمتك والحجر الأساس لصحتك النفسية

وهي درس من دروس الحياة تتعلمه عاجلا أم آجلا حتى تشعر بالثقة الكاملة تجاه نفسك. والطرق التي تتعلم بها هذا الدرس منوّعة ، منها ما يتعلق بجسمك وشكلك ومنها ما يتعلق بشخصيتك وعلاقاتك ، ومنها ما يتعلق بعقلك وذكائك ومنها ما يتعلق بروحك

وغالبا ما تبدأ الدروس بأبسطتها وهو الشيء المادي المحسوس الذي تعيش فيه وهو جسمك فأنت تسكن في جسم له ميزاته ، قد أنعم الله به عليك ليحملك ويسير بك فكل ما عقدت معه اتفاقية سلام كلما سهل عليك الشعور بالثقة ، ثم يأتي بعد ذلك العزة بالبصمة المميزة التي لا يوجد لها مثيل وهي شخصيتك وطريقة تفاعلك بمن حولك فليس من المفترض أن تكون نسخة عن غيرك، يكفي أنك تحب وتُحب، ثم يأتي بعد ذلك اعتزازك بعقلك وتفكيرك ولا يكون ذلك إلا إذا غذّيت هذا العقل ، وأخيرا تتعلم كيف تعتزّ بروحك المميزة والتي هي من روح الله ومن أسراره في الكون ولا يحدث ذلك إلا إذا ارتبطت بخالقها وسمت إليه. وبذلك تكتمل عزتك وتزداد قيمتك وتتضاعف قدراتك ومهاراتك

ّالأمر ليس سهل ولكنه هكذا: فالطفلة الصغيرة أوّل ما تعتز بجسمها فتزيّنه وتعطّره ثم تعتزّ بحبّها لما حولها من الألعاب والنّاس والحيوانات، ثم تعتزّ بذكائها فتسابق صديقاتها في الحفظ والقراءة والتّفوق ثم إن وجدت من يعلمها العزة الروحية أقبلت على العبادة وتعمّق إيمانها بخالقها فهذبت العزّة رغباتها ووجهت انفعالاتها نحو الخير وانتظمت في سلك أولئك الذين لهم معنى وقيمة في الحياة

أود أن أسوق لك قصّة ذلك الشّاب الذي مر بحادثتين في حياته ، الأولى : حادثة دراجة نارية أحرقت 90 % من جسمه وشوهت صورته ولكنها لم تقتله ، والثانية : حادثة طائرة خاصّة كسرت ظهره وزجت به في سجن كرسي بعجلات للبقيّة من حياته. وطبعا اكتشف هذا الرجل بعد صراع وجهد دام سنوات أن بإمكانه أن يحيا حياة سعيدة طالما هو يفكر بطريقة صحيحة ، وبدلا من التركيز على كل الأشياء التي لا يستطيع أن يعمل حيالها شيء ركز على الأشياء التي بالإمكان أن يحدث فيها تغييرا وتطورا ، وجد هذا الشاب أن لديه عقلا غير معاق وروحا لا حدود لانطلاقها فكرس حياته للتعليم والمحاضرات التي جعلته قدوة لغيره في النجاح والوصول إلى العزة

الوصول إلى العزة يكون في خطوات ثلاث

أولا: تعرّف إلى العوائق وأولها اعتقاداتك عن نفسك

ثانيا: ابحث داخل نفسك عن إجابة السؤال: من أنا ؟ ولماذا أنا هنا؟

ثالثا: افعل شيئا سواء كان هذا الشيء يعطيك تقبل نفسك واعتزاز بها كما هي ، أو قم بإجراء التغيير اللازم لتحسين وضعك

هل أنت متوقف في الشعور بالعزة في المرحلة الأولى ؟ بمعنى هل تعتز بجسمك وشكلك وترى أن قيمتك مستمدة من طولك أو رشاقتك أو طريقة لبسك أو إكسسواراتك؟ تذكر وأنت تكتشف الحقيقة قصة الشاب الذي فقد الشكل الحسن والحركة معا ، يا ترى ما هي القيمة الحقيقية للإنسان؟

العزة هي أمر قياسي يزيد وينقص ، بإمكانك أن تغذيه فيكبر وينضج ويصل إلى قمته ويصبح رمزا للآخرين يحذو حذوه ، وبإمكانك أن تقف به عند حد معين . وقد تحتاج على مر الأيام والسنوات أن تبنيه مجددا بعد حدث معين مررت به أو بعد كلمة رنانة قرأتها أو سمعتها ، العزة هي عمل مستمر نحو الأفضل

من أين يأتي شعورك بقيمة ذاتك؟  من أين تنبع عزتك الحقيقية ؟  هذا سؤال عليك أن تطرحه على نفسك في مواقف حياتك المتعددة وباستمرار

12 comments

    مقال رائع اشكرك جزيل الشكر يا دكتوره و اتفق مع كل ما ورد فيه وان كنت اعتقد ان الموضوع (العزة) رغم
    اهميته لحياة الإنسان الا ان من يفهم ذلك هم القلة القليلة ….هم من يجب عليهم تولى قيادة وبناء المجتمعات هم صفوة الصفوة

      أهلا أخي عماد
      نعم العزة تنبع من الداخل وهي اقوى من الثقة لأنها تستمد جذورها من علم ويقين وصحيح ليس الجميع مدرك لموضوع العزة وإنما هي لفتة لمن لديه بصيرة مثلكم وشكرا لك

    رائع جداااا

    العزة درجة عالية من تقدير الذات
    وبس الشخص يقدر ذاتة يتنزه عن اي امور سطحية

    و تحتاج تدريب و تهذيب

    اتفق مع الاستاذ عماد

    توضيح دقيق للعزة ، انا عن نفسي لم اكُن اعرف هذا المصطلح بهذه الدقه .

    مقال رائع دكتوره
    عندي سؤال:هل العزه هي نفسها حب الزات ولا في فرق بينهم؟
    كل الحاجات العندها علاقه بالذات حبها واحترامها تقديرا والاعتزاز بيها اتخيل لي بتوضع لبنتها من الطفوله وكيف الاهل كانو بعاملوك هل هم كثيري الانتقاد ودايما بقارنوك بأخواتك او صحباتك بنات الجيران انتي مازيهم هم احسن لحدي مالشخص يصدق ويبدا العقل اللاواعي يختك في كل المواقف البتثبت الكلام ده ،،،بس مؤمنه جدا بقول النبي صل الله عليه وسلم إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم اسأل الله ان يفيدنا بعلمك في هذه الرحله الطيبه للحياة التي نستحق،،،، حبي وتقديري،،،

    أهلا وسهلا، كل كلمة قلتيها حق وفعلا يمكن للانسان ان يتغلب على هذه المؤثرات بالتقصّد للتغيير والتخطيط له كما نفعل هنا في هذه الجلسات. شكرا لك

    مقال رائع ومميز جدا
    كنت اتوقع ان العزة ه يالرضا عن الذات والشعور بالثقة

    اين نجد العزة في هرم الاحتياجات الانسانية يادكتورة؟

    الرضا عن الذات موضوع بذاته ويتعلق بانك تشعر بأن كل مافيك تمّ تقبله (رضي الله عنهم ورضوا عنه) وهواذعان وقبول كامل لكل ما تملك وما لا تملك
    الثقة بالنفس مفهوم غريب فالثقة عكسها الخوف، وكيف أشعر بالخوف من نفسي؟ معناه أن نفسي خانتني في مواقف وتزعزت ثقتي فيها انها ستخونني مرة اخرى؟ اعتقد ان الثقة في الذات مفهوم مستورد ويحتاج لفحص والله أعلم ولكن اعلم ان تقبل الذات والرضا بها وبما اعطاني الله فيها هو اول خطوة ويليه الاعتزاز بها ( ربما يكون مقابل الثقة) ولكن لابد من الارتباط بالقوةالعليا ليكمل الاعتزاز والا تحول الا غطرسة وتجبر.
    ويلي ذلك الفرح بما اعطيت من نعم في ذاتي
    وأما الاستياء من الذات فهو عكس الرضا واما الذل فهو عكس الاعتزاز
    واخيرا البؤس بذاتي وما اعطيت والله اعلم.
    الثقة تكون في شيء اخر وانما الاعتزاز يكون في الذات. والحوار مفتوح اذا ورد لكم خاطر اخر. شاكرا للتفاعل

    ربما في الامر خطا في الترجمة كثير من العلوم مع حداثتها في العالم ومنها علم النفس تكمن المشكله في ترجمتها من غير المختصين

      مصطلح الثقة بالذات self confidence
      أفضل أن أبحث في اللغة العربية وأجد مصطلح استخدم في سياقات محلية. أجد مصطلح العزة ليس فقط عندما نقول “عنده عزة نفس” وإنما في القرآن “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ” – المنافقون الآية 8.
      والعزة من الآة مستقاه من قيمة أصيلة وهي الإيمان بالله وهي قيمة مكتسبة وليست موروثة. بمعنى أن الشخص يؤمن أو لا يؤمن، فعندما يؤمن يكتسب عزة الإيمان. وهكذا قد تكتسب العزة من أشياء أخرى. فمثلا الشهادة العلمية عزة أو مجرد قدرتك على تحقيق هدف شخصي عزة. وكلما اكتسبت قيم مضافة كلما ازددت عزة. ولكن في النهاية هل يوجد قيمة داخلية فيك تجعلك تعتز؟
      الاصل ان الله كرم بني آدم بالعقل. فعليك أن تعتز بما اعطيت فطرة ويكفي انك انسان كرمك الله.
      شكرا للتعليق.

    مقال رائع ومثري بارك الله فيك وفي علمك وعملك دكتورتي الفاضلة

      شكرا أختي الفاضلة على كلامك، والهدف هو تحقيق نوع مختلف من النظر للذات.

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Shopping cart

0
image/svg+xml

No products in the cart.

Continue Shopping